عندما يحتار الخطيب
سامي القرشي
1447/06/18 - 2025/12/09 08:38AM
عندما يحتار الخطيب
يحتار بعض الخطباء في كثير من الأحيان في موضوع الخطبة، فلا يدري عن أي شيء يخطب؟
لكثرة الموضوعات التي خطب عنها، ولعدم وجود منهج يسير عليه في اختيار الموضوعات.
ولا داعي لكثير من الحيرة في هذا الجانب، فإن موضوعات الخطب لا تخرج عن ثلاثة مجالات رئيسة، ينبغي أن تكون حاضرة في ذهن الخطيب، وأُفضِّل أن تكون مكتوبة في مذكرة أعماله.
وهي: الأحداث والمواسم والأصول.
مجال الأحداث: وهي كل ما يطرأ من أمور محبوبة أو مكروهة كالحروب، والحوادث، والجوائح، كالانتصارات، وانفراج الكربات، ونزول الرحمات، أو الحروب، والحوادث، والجوائح، ونحو ذلك مما يكون حديث الناس وحدث الساعة، فهذه الأمور ينبغي ألا يهملها الخطيب عند حدوثها باستثمارها في موعظة، أو استخلاص حكم، أو توجيه الناس لكيفية التعامل معها، أو ما يجب على المسلمين تجاهها، وما إلى ذلك مما يقتضيه الحدث.
ومجال المناسبات: وهي المواسم المتكررة، كإقبال رمضان، أو الحج، أو عشر ذي الحجة، أو ذكرى الهجرة، أو نحو ذلك من المناسبات الدينية المرتبطة بزمن معين، فإن الحديث عما يخصها هو واجب الوقت، وتعجب لخطيب يخطب في آخر جمعة من شعبان عن التحذير من الربا، لا عن استقبال رمضان، ليس تقليلًا من شأن الربا ولكن تعجبًا من التوقيت، أو يخطب عن عيادة المريض قبيل عاشوراء، أو نحو ذلك من أنواع الغفلة أو الإهمال.
والأحداث والمناسبات مجالان محدودان محصوران، وتبقى معظم خطب السنة للمجال الثالث الأهم والأوسع، وهو:
مجال الأصول: وهي المهمات الكبرى التي بدأ فيها القرآن وأعاد، ولهج بها النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، وأصول هذه المهمات خمس: وهي على الإجمال: الإلهيات، والنبوات، واليوم الآخر، والأمر بالصالحات، والنهي عن السيئات، وهي على التفصيل كما يلي:
الإلهيات: ونعني بها كل ما يتعلق بالله جل وعلا من الإيمان به، وتوحيده، ونفي النقائص عنه كالشريك والولد، ومعرفة أسمائه وصفاته، ودلائل عظمته، وقدَره وقدرته، ووحدانيته، وملكه وملائكته، وعلمه، وحكمته، وعدله ورحمته، وبطشه ونقمته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لو فتح الخطيب عين عقله وقلبه عليها لتمنى أن يكون في الأسبوع جمعتان أو ثلاث ليوفيها القليل من حقها في الخُطب.
ومن تدبر آيات الذكر الحكيم وجد من الآيات والمقاطع الكثير مما يصلح أن يكون مادة لخطبته في هذا المجال، وكذلك من قرأ سنة المصطفي عليه صلوات الله وسلامه.
والنبوات: وهي كل ما يتعلق بالأنبياء وسيرهم، وأخلاقهم، ودلائل النبوة، وقصص الأنبياء مع أممهم، وأحوالهم مع ربهم، وحقوقهم على أممهم، وما أنزل عليهم من الكتب، وما أنزل معهم من الآيات، وعاقبة مكذبيهم، وفضل أتباعهم، من لدن نوح عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مجال واسع، فيه من الدروس، والعبر، والمواعظ، والأمثال ما يعز على الحصر، وفي القرآن الكريم من الآيات في هذا المجال التي تصلح مادة تبنى عليها الخطبة الجم الغفير، وكذلك في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
واليوم الآخر: وفيه الكلام على الآخرة والإيمان بها، والبعث ودلائله، والحساب وأحواله، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، والوعد للمؤمنين، والوعيد للكافرين، ونحو هذه الموضوعات، وفي القرآن الكريم من مما يتعلق بذلك سور، ومقاطع وآيات كثيرة، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث غير قليلة.
الأمر بالصالحات: ويدخل في هذا الباب كل ما أمر الله به من العبادات والأخلاف، كالصلاة والزكاة والصوم والحج، والصدق، وبر الوالدين، وإطعام المسكين، وكفالة اليتيم، والرفق بالنساء، وعمارة المساجد، والذكر والصلاة على النبي، وإكرام الضيف وحفظ العهود، والوفاء بالعقود، والدعوة إلى الله، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والجهاد بالأموال والأنفس، وتولي المؤمنين والبراءة من الكافرين، وتدبر القرآن، والنظر في آيات الله في الكون، وشكر النعمة، وغير ذلك مما تزخر به آيات الكتاب الحكيم، وسنة النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
والنهي عن السيئات: ويدخل فيه كل ما نهى الله عنه من الآثام، كالكبر، والإفساد في الأرض، والتكاثر، والرياء، وأكل مال اليتيم، وعدم الحض على طعام المسكين، وأكل الربا، وشرب الخمر، والسرقة، والزنا، وقذف المحصنات، وفحش القول، وإطلاق النظر، ومد البصر إلى ما متع الله به الكافرين، وإيثار الدنيا على الآخرة، والقنوط من رحمة الله، والكذب، والبهتان، والغيبة، وإيذاء المؤمنين، ونحو ذلك مما تزخر به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
على أن بعض هذه الأصول لا سيما ما يتعلق بمعرفة الله وتعظيمه، وتصديق النبي عليه الصلاة والسلام وتوقيره، والإيمان بالآخرة لا ينبغي أن تخلو منها خطبة مهما كان موضوعها، لأنها أصول الاعتقاد التي يبنى عليها ما سواها ويصلح بها ما عداها، ويُبدأ منها ويُنتهى إليها، فلتكن منك أخي المبارك على ذكر.
و في الختام أقول: لو أن موفقًا ممن آتاهم الله القدرة على كتابة الخطب المؤثرة، ألَّف ما تيسر له من الخُطَب على هذا التقسيم، فجعلها في كتاب أو موقع إلكتروني لرجوت أن يكون عمله هذا من أنفع الأعمال في تحصيل الأجور، لما فيه من إعانة الخطباء لاسيما المبتدئين ونحوهم، ونشر الخير الدائم الذي لا يدري إلى أي مدى يصل، وأحسب أنه سيكتب له القبول والانتشار، إن هو أحسن النية، واجتهد في إتقان العمل، وسأل الله القبول.
يحتار بعض الخطباء في كثير من الأحيان في موضوع الخطبة، فلا يدري عن أي شيء يخطب؟
لكثرة الموضوعات التي خطب عنها، ولعدم وجود منهج يسير عليه في اختيار الموضوعات.
ولا داعي لكثير من الحيرة في هذا الجانب، فإن موضوعات الخطب لا تخرج عن ثلاثة مجالات رئيسة، ينبغي أن تكون حاضرة في ذهن الخطيب، وأُفضِّل أن تكون مكتوبة في مذكرة أعماله.
وهي: الأحداث والمواسم والأصول.
مجال الأحداث: وهي كل ما يطرأ من أمور محبوبة أو مكروهة كالحروب، والحوادث، والجوائح، كالانتصارات، وانفراج الكربات، ونزول الرحمات، أو الحروب، والحوادث، والجوائح، ونحو ذلك مما يكون حديث الناس وحدث الساعة، فهذه الأمور ينبغي ألا يهملها الخطيب عند حدوثها باستثمارها في موعظة، أو استخلاص حكم، أو توجيه الناس لكيفية التعامل معها، أو ما يجب على المسلمين تجاهها، وما إلى ذلك مما يقتضيه الحدث.
ومجال المناسبات: وهي المواسم المتكررة، كإقبال رمضان، أو الحج، أو عشر ذي الحجة، أو ذكرى الهجرة، أو نحو ذلك من المناسبات الدينية المرتبطة بزمن معين، فإن الحديث عما يخصها هو واجب الوقت، وتعجب لخطيب يخطب في آخر جمعة من شعبان عن التحذير من الربا، لا عن استقبال رمضان، ليس تقليلًا من شأن الربا ولكن تعجبًا من التوقيت، أو يخطب عن عيادة المريض قبيل عاشوراء، أو نحو ذلك من أنواع الغفلة أو الإهمال.
والأحداث والمناسبات مجالان محدودان محصوران، وتبقى معظم خطب السنة للمجال الثالث الأهم والأوسع، وهو:
مجال الأصول: وهي المهمات الكبرى التي بدأ فيها القرآن وأعاد، ولهج بها النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، وأصول هذه المهمات خمس: وهي على الإجمال: الإلهيات، والنبوات، واليوم الآخر، والأمر بالصالحات، والنهي عن السيئات، وهي على التفصيل كما يلي:
الإلهيات: ونعني بها كل ما يتعلق بالله جل وعلا من الإيمان به، وتوحيده، ونفي النقائص عنه كالشريك والولد، ومعرفة أسمائه وصفاته، ودلائل عظمته، وقدَره وقدرته، ووحدانيته، وملكه وملائكته، وعلمه، وحكمته، وعدله ورحمته، وبطشه ونقمته، وما إلى ذلك من الموضوعات التي لو فتح الخطيب عين عقله وقلبه عليها لتمنى أن يكون في الأسبوع جمعتان أو ثلاث ليوفيها القليل من حقها في الخُطب.
ومن تدبر آيات الذكر الحكيم وجد من الآيات والمقاطع الكثير مما يصلح أن يكون مادة لخطبته في هذا المجال، وكذلك من قرأ سنة المصطفي عليه صلوات الله وسلامه.
والنبوات: وهي كل ما يتعلق بالأنبياء وسيرهم، وأخلاقهم، ودلائل النبوة، وقصص الأنبياء مع أممهم، وأحوالهم مع ربهم، وحقوقهم على أممهم، وما أنزل عليهم من الكتب، وما أنزل معهم من الآيات، وعاقبة مكذبيهم، وفضل أتباعهم، من لدن نوح عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مجال واسع، فيه من الدروس، والعبر، والمواعظ، والأمثال ما يعز على الحصر، وفي القرآن الكريم من الآيات في هذا المجال التي تصلح مادة تبنى عليها الخطبة الجم الغفير، وكذلك في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
واليوم الآخر: وفيه الكلام على الآخرة والإيمان بها، والبعث ودلائله، والحساب وأحواله، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، والوعد للمؤمنين، والوعيد للكافرين، ونحو هذه الموضوعات، وفي القرآن الكريم من مما يتعلق بذلك سور، ومقاطع وآيات كثيرة، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث غير قليلة.
الأمر بالصالحات: ويدخل في هذا الباب كل ما أمر الله به من العبادات والأخلاف، كالصلاة والزكاة والصوم والحج، والصدق، وبر الوالدين، وإطعام المسكين، وكفالة اليتيم، والرفق بالنساء، وعمارة المساجد، والذكر والصلاة على النبي، وإكرام الضيف وحفظ العهود، والوفاء بالعقود، والدعوة إلى الله، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والجهاد بالأموال والأنفس، وتولي المؤمنين والبراءة من الكافرين، وتدبر القرآن، والنظر في آيات الله في الكون، وشكر النعمة، وغير ذلك مما تزخر به آيات الكتاب الحكيم، وسنة النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
والنهي عن السيئات: ويدخل فيه كل ما نهى الله عنه من الآثام، كالكبر، والإفساد في الأرض، والتكاثر، والرياء، وأكل مال اليتيم، وعدم الحض على طعام المسكين، وأكل الربا، وشرب الخمر، والسرقة، والزنا، وقذف المحصنات، وفحش القول، وإطلاق النظر، ومد البصر إلى ما متع الله به الكافرين، وإيثار الدنيا على الآخرة، والقنوط من رحمة الله، والكذب، والبهتان، والغيبة، وإيذاء المؤمنين، ونحو ذلك مما تزخر به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
على أن بعض هذه الأصول لا سيما ما يتعلق بمعرفة الله وتعظيمه، وتصديق النبي عليه الصلاة والسلام وتوقيره، والإيمان بالآخرة لا ينبغي أن تخلو منها خطبة مهما كان موضوعها، لأنها أصول الاعتقاد التي يبنى عليها ما سواها ويصلح بها ما عداها، ويُبدأ منها ويُنتهى إليها، فلتكن منك أخي المبارك على ذكر.
و في الختام أقول: لو أن موفقًا ممن آتاهم الله القدرة على كتابة الخطب المؤثرة، ألَّف ما تيسر له من الخُطَب على هذا التقسيم، فجعلها في كتاب أو موقع إلكتروني لرجوت أن يكون عمله هذا من أنفع الأعمال في تحصيل الأجور، لما فيه من إعانة الخطباء لاسيما المبتدئين ونحوهم، ونشر الخير الدائم الذي لا يدري إلى أي مدى يصل، وأحسب أنه سيكتب له القبول والانتشار، إن هو أحسن النية، واجتهد في إتقان العمل، وسأل الله القبول.