اعتقادنا في المسيح

يوسف العوض
1447/07/02 - 2025/12/22 08:35AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُنَزِّلِ الكُتُبِ، وَمُرْسِلِ الرُّسُلِ، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَنَشْكُرُهُ شُكْرَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ النِّعَمَ مِنْهُ وَحْدَهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نَنْجُو بِهَا يَوْمَ نَلْقَاهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} .

عِبَادَ اللَّهِ : اعْلَمُوا أَنَّ أَشْرَفَ مَا يَحْمِلُهُ العَبْدُ إِلَى رَبِّهِ عَقِيدَةٌ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّ أَعْظَمَ أَبْوَابِ الضَّلَالِ الغُلُوُّ فِي الأَنْبِيَاءِ أَوِ التَّنَقُّصُ مِنْهُمْ، وَمِنْ هُنَا كَانَ بَيَانُ اعْتِقَادِنَا فِي المَسِيحِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَوْجَبِ الوَاجِبَاتِ.

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ : نَعْتَقِدُ اعْتِقَادًا جَازِمًا أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، بَشَرٌ مَخْلُوقٌ، أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالرِّسَالَةِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ فَوْقَ مَنْزِلَةِ العُبُودِيَّةِ.

 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾،

وَقَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾.

وَنَعْتَقِدُ أَنَّ عِيسَى خُلِقَ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أَبٍ، آيَةً لِلنَّاسِ، لَا دَلِيلًا عَلَى أُلُوهِيَّتِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ﴾.

وَنَعْتَقِدُ أَنَّ وِلَادَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ دَلِيلُ قُدْرَةٍ لَا بُنُوَّةٍ، فَلَوْ كَانَ عَدَمُ الأَبِ دَلِيلًا عَلَى الأُلُوهِيَّةِ، لَكَانَ آدَمُ أَوْلَى.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾.

وَنَعْتَقِدُ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَدْعُ قَطُّ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِهِ:

﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾.

وَنَعْتَقِدُ أَنَّ مُعْجِزَاتِهِ كُلَّهَا كَانَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، لَا بِقُدْرَةٍ ذَاتِيَّةٍ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾.

فَهَذَا هُوَ اعْتِقَادُنَا فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ: تَعْظِيمٌ لِلنَّبِيِّ، وَحِفْظٌ لِلتَّوْحِيدِ، وَسَدٌّ لِأَبْوَابِ الغُلُوِّ وَالشِّرْكِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة 

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

عِبَادَ اللَّهِ : اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الإِيمَانَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ.

فَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ وَلَمْ يُصْلَبْ، بَلْ نَجَّاهُ اللَّهُ وَرَفَعَهُ إِلَيْهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾،

﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾.

وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَكَمًا عَدْلًا، تَابِعًا لِشَرْعِ مُحَمَّدٍ ﷺ.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:

«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ».

وَمِنْ لَوَازِمِ هَذَا الاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ أَنْ نَبْرَأَ إِلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ شِعَارٍ يُخَالِفُ التَّوْحِيدَ، وَمِنْ ذَلِكَ حُكْمُ الِاحْتِفَالِ بِالكْرِيسْمَاس.

فَإِنَّهُ عِيدٌ دِينِيٌّ عَقَدِيٌّ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الِاحْتِفَالُ بِهِ وَلَا التَّهْنِئَةُ بِهِ.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:

«مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»،

وَقَالَ ﷺ عَنِ العِيِدَينِ:

«إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا».

فَنُحْسِنُ إِلَى غَيْرِ المُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ لَا نُشَارِكُ فِي شِعَارٍ يُنَاقِضُ عَقِيدَتَنَا.

اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى التَّوْحِيدِ، وَأَحْيِنَا عَلَيْهِ، وَأَمِتْنَا عَلَيْهِ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.

المرفقات

1766467295_عيسى.docx

المشاهدات 206 | التعليقات 0